من شعر إدريس جماع

إني لأعجب
عجباً أتحتمل الحياة برغم أشتات الصور ______~3
ورحابها تبدي الجمال جمال نفس أو بصر
والفكر والإبداع والفن الخصيب المبتكر
والحب والأحلام نشوى والأعاني والسمر
وبها النضارة والندى والنهر يبدو والزهر إستايل
من ليس في جنبيه إنسانية بين البشر
حقد على الإنسان في جنبيه عشش وانتشر
ويعيش محسوباً عليه ... إنها إحد الكبر
ولقد يتيه بعيشه بين المزالق والحفر
* * * * * *
نبع الحياة يفيض سمحا بالشعور وبالفكر
وعلى شواطئه الطبيعة وهي فتنه من نظر
لا يتركون له الصفاء إذا تسلسل وانحدر
هم يعكسون نفوسهم فيه وهم فيه كدر
إن عاش بعض الناس يحلم بالسعادة للبشر
يحيا لحب الناس يشملهم بعاطفة وبر
هوت النفوس بهم إلى قاع رهيب المنحدر
كرهوا بني الإنسان بل كرهوا الحياة بغير شر
إن الحياة هي الشعور فكيف يحيا من غدر
من ليس يسعد بالضمير ففي جوانبه سقر
أمة المجد
أمة للمجد والمجد لها وثبت تنشد مستقبلها
رو نفسي من حديث خالد كلما غنت به أثملها
من هوى السودان من آماله من كفاح ناره أشعلها
أيها الحادي انطلق وأصعد بنا وتخير في الذرى أطولها
نحن قوم ليس يرضى همهم أن ينالوا في العلا أسهلها
و قريبا يسفر الأفق لنا عن أمان لم نعش إلا لها
إنه الفجر الذي يصبو له كل ملهوف تمنى نيلها
* * * * * *
لكاني بالعذارى نهضت وبناء الجيل أمسى شغلها
بهوي السودان غنت لحنها وأدارت بإسمه مغزلها
نهضة نادت فتاة حرة وفتى كي يحملا مشعلها
قلوب في جوانبها ضرام يفوق النار وقدا وإندلاعا
يظن السيف يورثنا انصياعا فلا والله لن يجد انصياعا
ولا يوهن عزائمنا ولكن يزيد عزيمة الحر اندفاعا
سنأخذ حقنا مهما تعالوا وإن نصبوا المدافع والقلاعا
وإن هم كتموه فليس يخفى وإن ضيعوه فلن يضاعا
طغى فأعد للأحرار سجنا وصير أرضنا سجنا مشاعا
هما سجنان يتفقان معنى ويختلفان ضيقا واتساعا
الطفوله
فرح الأطفال لا يضني الجيوب في دمي في عبث غير مشوب
وإمتزاج في الأساطير حبيب وصباح و إندفاع ووثوب
مضت الأيام بي حافلة وأنا الأن على شط المشيب
أنفق الدخل وابغي غيره وحياتي محض بؤس وكروب
وقد يحسبني الطفل بها في ابتهاج وحظوظ لا تغيب
و لقد يجعل مني غدوة عندما تمضي به شتى الدروب
وإذا ما كبر الطفل رأى في طريق العمر الوان الخطوب
يا حياة خلقت ساحرة شوه الإنسان مرآها القشيب
نغمات الطبيعة
في مرقد طافت به الأحلام مشرقة الصور
للنوم قد أسلمت رأسك مطمئناً للقدر
سال الشعاع من الغصون على جبينك وانحدر
وغرقت في نسيم تعود حمل أنفاس الزهر
أغنامك المرحات تقفز في الروابي والحفر
كم وقعت أقدامها في الأرض أنغام المطر
هي كل همك في الحياة وجل مالك من فكر
وإذا صحوت عمدت للهو البسيط وللسمر
مزمارك المسحور ينفث ما بنفسك من أثر
وهناك موسيقى الخرير ترف خالدة النبر
فاسمع لأنغام الطبيعة مازجت لحن البشر
والزهرة العذراء تنظر للتدفق في خفر
هو عالم من حسنه يوحي الجمال المبتكر
نضال لا ينتهي
بعد موج لا يحيه السنى أدرك الزورق شطآن المنى
ومن الشطآن هبت نسمة و إلى حرية أفضت بنا
طرب طاغ وحس مفعم و أناشيد ندوى كلنا
و بدا بين عيون ثرة ورياض زاهيات غدنا
نحن في عالم شعب طامح ومضى عام على فرحتنا
وتولى نصف قرن قلبه ما جنينا منه إلا بؤسنا
بدماء وكفاح برزت من قتام الأمس حريتنا
وهي ليست حلية نلبسها بل حياة لبنى أمتنا
أمل الأجداد في أجداثهم لو بدوا في ساحة العيد هنا
والألى قد صرعوا في كرري و أياديهم إلى صم القنا
والألى قد أطلقوا بركانهم وجحيم الظلم يعوي بيننا
غرسوا النخوة في تاريخنا بدماهم وجنينا غرسنا
نشوتي من سكر قومي وعلت كل ما يرهق حسي من ضنا
نحن قوم ما تراءى بيننا حسن إلا نشدنا ألأحسنا
بدت الغاية فلننشئ لها مثلا قومية تدفعنا
فاجعلوا التقدير منصبا على مثل تحرس مستقبلنا
إنها جند إلى أجنادنا وسلاح لحمى نهضتنا
في مهب الريح
قبلنا كان وكنا ويكون سامر يؤنس إيحاس الوجود
ضجة تعلو وسكر و شجون ثم نمضي بعد هذا في هجود
* * * * *
سيغني بعد مسراى الشداة وكأن لم يكن شىء يا ضفاف
و سينساب مع الفجر اللرعاة ويعود السرح من بعد المطاف
و ستخضر مع المرج الربا و بها يسمر أصحاب لطاف
كل حسن يا أخي كنا نراه ستراه أنت في غير انصراف
و سيجري صاخبا نهر الحياة غير مجرى واحد فيه جفاف
* * * * *
بين جنبي حياة الأولين وسأحيا في حياة الآخر
وسأطوي مع من بعد السنين رغم مسراي كطيف عابر
وسأمضي عن صديقي بعد حين و يراني في الزمان الدائر
عالم الخلود
كم قصور قد كن سحر المآلقى ورياض مخضلة الأوراق
و ملوك كانوا على الأرض جبارين و الجالسون في إطراق
و جيوش تلاحمت والتقى الأبطال بين الإرعاد و الإبراق
و كؤوس قد أترعت بسلاف في لقاء العشاق بالعشاق
ألهمت كل هذه شاعر الأمس فغنى كالزاخر الدفاق
أين سحر القصور والجيش والجبار أين الندمان أين الساقي
قد محا كل هذا موكب الأزمان حتى الصخر المشيد الراقي
سحق الدهر كل ما ألهم الماضين شعرا وها هو الشعر باقي
خالد الشعر ما توثق بالنفس ومد الجذور في الأعماق
وهو ابن الحياة والحس لم يمنح خلودا لصنعة و طباق
من دمي
شاركتني هذه الأكوان أفراحي وحزني
في هنائي يحتسي العالم من نشوة دنى
أرمق الدنيا فألقي بسمتي في كل غصن
و إذا أظلم إحساسي و نال الحزن مني
شاع من نفسي شحوب و سرى في كل لون
* * * * * *
مثلما تمتد للكون هناءاتي و بؤسي
يفرح الروض فتحيا فرحة منه بنفسي
و يغني فتغني بين أفراح و عرس
وحنان العش دفء في دمي يغمر حسي
و إذا هدم شاعت وحشة منه بنفسي
صوت وراء القضبان
على الخطب المريع طويت صدري وبحت فلم يفد صمتي وذكري
وفي لجج الأثير يذوب صوتي كساكب قطرة في لج بحر
دجى ليلي و أيامي فصول يؤلف نظمها مأساة عمري
أشاهد مصرعي حينا و حينا تخايلني بها أشباح قبري
و في الكون الفسيح رهين سجن يلوح به الردى في كل شبر
و أحلام الخلاص تشع آنا و يطويها الردى في كل ستر
حياة لا حياة بها و لكن بقية جذوة و حطام عمر
خطوب لو جهرت بها لضاقت بها صور البيان وضاق شعري
جهرت ببعضها فأضاف بثي بها ألماً إلى آلام غيري
كأني أسمع الأجيال بعدي و في حنق تردد هول أمري
* * * * *
يقلبني الفراش على عذاب يهز أساه كل ضمير حر
تطالعني العيون و لا تراني فشخصي غيرته سنين أسر
يصم صليل هذا القيد سمعي و في الأغلال وجداني وفكري
وأين الأمن مني من حياتي فقد فنيت و ما خطبي بسر
و تسلبني الكرى إلا لماما يد من حيث لا أدري و أدري
و في جنبي إنسان و روح و حب الناس في جنبي يسري
وقاك الله شرا يا بلادي سرت نيرانه لحصاد عمري
ينازعني الحياة و في ضلوعي هوى ضجت به خفقات صدري
* * * * *
و أيامي تساقط من حياتي كأوراق ذوت والريح تذري
تطامن دوحها وهوى مكبا و أجفل عنه تيار بنهر
و هدم مؤنس الأعشاش فيه فلم تهزج له أنغام طير
و لست ترى حواليه رواء و لكن و حشة و ذبول زهر
يغالب محنتي أمل مشع و تحيا في دمي عزمات حر

تعليقات

المشاركات الشائعة