& لِما لا تستوعبكَ أوراقهم! &



شذى الروح (3)

أحيانا لا يبقى شيء…ينفذ كل شيء..الوقت …والحب..والمساحة …. حتى المساحة التي قد تُعبِر فيها عن ذاتك تتلقص أحيانا وتنكمش كورقة مشوههة..ومهما فكرت بكيفية التعبير عن أي شيء يُمثلك ..فإنه في الغالب يُفسر على غير ما رميت إليه … وفي تلك اللحظة ..تحتار أيهما أكثرُ انكماشا نفسك أم المكان الذي تود التمدد فيه؟ أولئك الذين يطالبون بك لتكون منشرحا رغم تجريحهم الدائم لك …يبعثون في نفسك الغرابة ، فكيف لمصدر الألم أن يطالبك بالفرح ..؟ وكيف يجب أن تكون هكذا منقاد المشاعر ، فتعيش وطأة ثقل (اللاشعور)؟! لما يصرون على إلباسك ثوبا من النمطية والتشابهية التي اعتادوا عليها ؟ فيجعلون منك غاضبا متى شاؤوا ، أو فرحا متى شاؤوا؟ 

عجيب حقا أننا لا نتبنى التمايز والأعجب أننا لا نُدهش للاختلاف ، نطالبُ بالأشباه دائما ، ونطمس التميز حتى في المشاعر، نتقنُ قولبة الأشياء والأشخاص والمساحات ، فنضيق على أنفسنا ضيقا يقودنا للاختناق… ولا تتألم من هذا إلا نفسك الحرة ، تلك التي تهوى التعبير المتمدد عن ذاتها ..حتى لو كان ذلك في مساحة تخلو من صوت يساندك أو مشاعر تفتقدها ..فلعلك تجدُ شخصا مساندا، لكن مشاعره تكون غائبة في اللحظة التي تحتاجها فيها ، فهو الغائب الحاضر …ولكنك رغم هذا تستطيع أن تصنع لنفسك وجها باسماً أو حتى عابساً المهم أن تكون كما تريد في الصفحة التي تريدها ، عبر عن نفسك بثقة وإن لم تستوعبك مساحة أوراقهم .
ينساب ماء الفكر ، مترقرق الشعور بين صخور الأحداث ، ينسكب متفرعا كخيوط حريرية رقيقية أعياها التفرق ، ولكنها في النهاية تجتمع في بحيرة الصمت المختلط بالدهشة فتتوقف الحركة ويصرخ السؤال : ماذا حدث؟ ماذا حدث لجريان الماء المتدفق ؟ ما الذي كسر اندفاعه ؟ ولم فتر عن المواصلة ؟
لِما استسلم لأن يكون ماء راكداً منزوياً في ظلمة الحياة ؟
 الذكريات تضج بإلحاح ، فكلها شاهد على أثر الماء ، فكم خلف على جنباته جنات خضراء ، وكم رسم البهجة على محيا مُتأمِله ، وكم أرسل صوت خريره شعرا يخالط شعور مُسْتمعِه، كل ما فيه كان عذبا ، كان صافيا صادقا ، نظرة واحدة تكفي لتثبت لك شفافية صفحته ، نقاؤه كان دائما باعثا على الهدوء والسكينة ،تحييه الشمس كل يوم بأشعتها الذهبية فيزداد لمعانا وبريقا ، كان ديّدنه في رحلته ألا يبخل على أحد ، فيرتوي منه ( العطاشى ) ، ويحملهم في تدفقه لغاياتهم ، كان معطاء بعطاء الحياة التي تحتاج إلى الهواء والماء لتستمر .. ما ذا حدث ؟
هل هو بعد الطريق ؟ أم قلة الصاحب والرفيق ؟ الأحجار والغبار؟ أم المراكب ونأي الديار؟ ما الذي حدث ليغدو الماء ملوثا بلون لا يمت له بصلة ؟ ما الذي حدث لتنبعث منه رائحة لم يعتدها ؟ ما الذي حدث ليعرض عنه الناس فلا يشربون منه؟ لم يعد قادرا على إكساب الأرض خضرتها ؟ ولم تعد الشمس تداعب صفحته ، فغدى كسيرا وحيدا خاليا من البريق.. لم يعد قادرا على الحركة والاندفاع .. !!!!! 

http://www.donglaa.com/vb/showthread.php

تعليقات

المشاركات الشائعة