نشوة ….. وضباب

.. وتنتقل نظراته بين رموش تتقي وعينين حذرتين ترشق اللفتة تلو اللفتة كأنه عائد للتو من معركة لم يصب فيها مرامه . هو لم ينهزم لكنها غلبته .. ويزعم أنه استطاع النيل منها ولم يفعل ، وهي آثرت عدم إعلان فوزها وردّه على عقبيه خائبا . حوار عيون متعبة بنشوة أنهكها السهر وأراحها طلوع النهار .. تبسمت وأصابت بنظرتها الخاطفة  كأسا ممتلئة واضح أن صاحبها لم يشرب منها ولا رشفة وهي بادية اليتم بين أخوات لها فارغات.. انتفض وجمدت الكلمات على شفتيه وصمته، نظر إلى الشاهد الوحيد الناطق ولا من يردعه أويستطيع وكأنه يسأل لكنه لم يفهم كل الإجابات التي عبرت عنها ساعة الحائط تلك اللحطات والتي رسمت ردحا من الزمن. .. لم تتردد عن  النطق الصامت المعبر خصوصا ما ارتسم منه في مخيلته بين بداية السهرة بعد العاشرة ليلا وإطلالة الضحى في العاشرة قبل ظهر اليوم التالي.  تفقد ساعة يده لم يجدها ،  مد يده إلى معصمه الآخر كأنه نسي أو أضاع يمينه من يساره.  هم واقفا فناولته مع نظرة عاتبة جارحة ساعة يده تلك التي تشهد عليه وهي لم تسكت بعد !!! رغم فصاحة تعبيرها.  نعم هي هي ساعته وكانت معها. مرت هنيهات هدأت بعدها النفوس واستراحت النظرات وانجلت الحقيقة،  وعلى وقع شهادة الشهود العيان  الكأس والساعة وكل أعقاب انواع السجائر ؟؟  انهدّت عزيمته وتراخت يده وترامى في مقعده مستسلما. تبسمت وأعادت...  ضحكت وقهقهت و... !! رفعت يدها تلوح  بفوزها لكن أحداً لم يتجاوب، فالوحدة وعاء الفراغ لا يليق بالأحياء وتسقط التحدي. أعادت وأعادت تكاد ترتد على نفسها، ولكن صمته أثقل من أن يتأثر ويرد التحدي.  تناول ساعة يده.. شدها إلى معصمه وتحسّسها .. ضبط توقيتها على ساعة الحائط ..  هز رأسه بعتب..  بقيت الساعتان ناطقتان ولم تعرهما اهتماما ..  أعادت الكأس فارغة بين أخواتها.. تمايلت وترنحت بين غدو ورواح.  لقد بلغت النشوة  مأربها، فتعمدت الإنحناء عليه. مدت يدها إلى عنقها كأنها تود التحلل من العقد الضاغط.. وانحنت أكثر وارتمت على صدره بلا عقد ولا ضوابط   و....  بقيت الساعة تقلق الصمت والعشاق وتُغازل الزمن وتأكل الأعمار وتتابع رحلة الحياة.

تعليقات

المشاركات الشائعة