تراسمي ….. على من يطلق نافع الرصاص
في إحدى قرى الشمالية الوادعة زرع المواطن علي الأبتر الأرض قمحاً.. إستعان عم علي بالبنك الزراعي والموسرين من أبناء قريته وكذلك المغتربين.. بذل عمنا كل ما في وسعه من ماء وسماد وحراسة.. ولكن المناخ خذله.. لم يأتِ زمهرير الشتاء كما يشتهي العم علي.. ولكن هذا المزارع كان يطمئن نفسه بطريقته الخاصة.. يخرج في الصباح وقد تدثر بثقيل الأثواب ولف عنقه بشال من الصوف.. عندما يرى أهله يتحركون بثياب الصيف ينبهم بصورة عفوية «البرد الليلة شديد».
في أكثر من مرة يخرج مساعد رئيس الجمهورية مخاطباً الناس عن عدم قدرة المعارضة على تحريك الشارع.. أمس كانت المناسبة شرقاً.. في سنكات وبعد أن استعرض الدكتور نافع إحدى المسيرات المصنوعة أوضح أن المعارضة التي تحلم بخروج أهل السودان إلى الشارع سيطول حلمها.. وعد نافع الجماهير بأن الإنقاذ ستستمر في مكافحة الفقر والبطالة وتشغيل الخريجين.
في الوقت الذي كان فيه الدكتور نافع علي نافع يتحدث عن حلم المعارضة الذي سيطول، كان برلمانيون يدقون من تحت قبة البرلمان ناقوس الخطر.. الشيخة سعاد الفاتح بعد أن قالت «قلبي يهري» أوضحت أن خريجي الطب والهندسة باتوا يبيعون الليمون في الطرقات بسبب الفاقة.. فيما أفاد النائب إسماعيل حسين بأن نحو ستمائة أستاذ جامعي فروا مؤخراً من البلاد بسبب الفقر.. أما إخوتهم الصابرين فقد فضلوا الدخول في إضراب حتى يصرفوا استحقاقاتهم المالية.
وقبل أيام من حديث نافع كان مواطنو حي الصحافة يخرجون إلى الشارع في مظاهرات لا تطلب سوى ماء الشرب.. فيما كان تعبير أهل الحلفاية أكثر خشونة في مطالبهم.. حيث قطعوا الطريق بحثاً عن جرعة ماء.
الحكومة بجرة قلم رفعت الدعم عن كثير من السلع.. والحكومة بقرار واحد خفضت العملة السودانية إلى نحو النصف.. الفريق الاقتصادي وبجملة من الأخطاء جعل معدلات التضخم ترتفع إلى نحو ثلاثين بالمائة.. وذات الحكومة تتردد ألف مرة قبل أن تقدم على جراحة حتمية تقضي بتقليص جيوش الدستوريين.
في بريطانيا التي كانت إمبراطورية لا تغرب عنها الشمس.. عدد الحقائب الوزارية لا يتجاوز اثنتين وعشرين حقيبة.. أما أمريكا الدولة العظمى فيديرها جهاز مركزي مكون من رئيس ونائبه وخمسة عشر وزيراً.. وفي بلادي نحو مائة وزير مركزي.. في ولاية جنوب كردفان المتأثرة بالحرب بلغ عدد الوزراء ومن هم في مصافهم الستين دستورياً.
في تقديري أن المعارضة ستتزود بذخيرة حية من تصريحات نافع علي نافع الاستفزازية.. الخطاب الحكومي في مثل هذه الظروف يجب أن يتقيد بالحكمة ويبحث عن لم الشمل.
تخطيء الحكومة إن ظنت أنها محصنة من غضب الجماهير.. ولا يحسن الدكتور نافع الحساب إن ظن أن الشعب حين يشهر البطاقة الحمراء ينتظر الإذن في حركته.
تعليقات
إرسال تعليق