سبيل النقاء

قرأت هذا العنوان ذات مرة ، فاستوقفني كثيراً ، ♥ هل الكتابة تشفي حقاً؟ ♥
حينما تكون الكتابة أداة للتنقيب داخل أغوار النفس فإنها تفعل ما يفعله الدواء من الوصول إلى موطن الألم ، فالكتابة أداة رشيقة تتسلل بخفة نحو ما يؤلمك فتطلب منك أن تخرج مكنونات نفسك أحرفاً تنسكب على بياض الورق ، لتغادر جسدك المرهق بأجمل طريقة قد يغادر فيها ألم ما . جسدك الآن خال من كل آلامك ، إنك تنظر إليها بعيداً عنك ، تنظر إليها من علٍ ، متحكماً فيها والآن فقط تستطيع مواجهتها كما يجب. هناك فرق كبير بين أن تكتب لنفسك أو أن تكتب للآخرين . ولعل.الصعوبة في كتابتك لنفسك ، فكأنما كتابتك مرآتك أو عدستك المكبرة التي ترى ما لا يُرى بالعين المجردة . وعموماً فإن الألم دافع ثري للكتابة ، فأجمل مخرجات الأدب لدى كثير من الأدباء المشهورين كان دافعها ومحركها الأول الألم، ورغم ما في المحن والمشكلات من إعياء للنفس وتشتت لمسارها، إلا أنها تصنع منك إنساناً جديداً متسقاً ومتوافقاً مع ما يحدث حوله .
والكتابة أجمل أسلوب من أساليب التنفيس عن الذات ، إنه تنفيس جميل وأنيق وراق ، قد يخلد أجمل لحظات المواجهة الإنسانية الذاتية وقد يتمخض عنها تحفة كتابية تقلب صفحاتها كل نفس تعشق تذوق الكلمات والسفر في أعماق الذات
-----------::--------::------------
♥♥ تعريجة في طريق الكتابة
28 فيراير 2012
♡ سبيل النقاء
ينساب  ماء الفكر ، مترقرق الشعور بين صخور الأحداث ، ينسكب متفرعا كخيوط حريرية رقيقية أعياها التفرق ، ولكنها  في النهاية تجتمع في بحيرة الصمت المختلط بالدهشة فتتوقف الحركة ويصرخ السؤال : ماذا حدث ؟
ماذا حدث لجريان الماء المتدفق ؟ ما الذي كسر اندفاعه ؟ ولم فتر عن المواصلة ؟
لم استسلم لأن يكون ماء راكدا منزويا في ظلمة الحياة ؟
الذكريات تضج بإلحاح ، فكلها شاهد على أثر الماء ، فكم خلف على جنباته جنات خضراء ، وكم رسم البهجة على محيا متأمله ، وكم أرسل صوت خريره شعرا يخالط شعور مستمعه، كل ما فيه كان عذبا ، كان صافيا صادقا ، نظرة واحدة تكفي لتثبت لك شفافية صفحته ، نقاؤه كان دائما باعثا على الهدوء والسكينة ،تحييه الشمس كل يوم  بأشعتها الذهبية فيزداد لمعانا وبريقا ،  كان ديدنه في رحلته ألا يبخل على أحد ، فيرتوي منه العطاشى ، ويحملهم في تدفقه لغاياتهم ، كان معطاء بعطاء الحياة التي تحتاج إلى الهواء والماء لتستمر ..  ما ذا حدث ؟
هل هو بعد الطريق ؟ أم قلة الصاحب والرفيق ؟ الأحجار والغبار؟ أم المراكب ونأي الديار؟
ما الذي حدث ليغدو الماء ملوثا بلون لا يمت له بصلة ؟ ما الذي حدث لتنبعث منه رائحة لم يعتدها الذي كان قد رٲي  ؟ ما الذي حدث ليعرض عنه الناس فلا يشربون منه؟ لما لم يعد قادرا على إكساب الأرض خضرتها ؟
ولم تعد الشمس تداعب صفحته ، فغدا كسيرا وحيدا خاليا من البريق.. لم يعد قادرا على الحركة والاندفاع ..
وهل إذا عرف السبب سيرجع من جديد ؟ كيف السبيل إلى النقاء ؟

تعليقات

المشاركات الشائعة